فى نظرة عامة عن التطور بين العلم والإيمان
فى نظرة عامة عن التطور بين العلم والإيمان
مع إنتشار وسائل التواصل المختلفة وكثرة المعلومات متعددة المصادر فكثيراً ما يثار الإستفسار الشائك حول التطور وإلى أى مدى يرتبط بالإيمان وهل يساعد فى فهم تواجد المخلوقات على الأرض حقاً وتنوعها وتفاعلها مع البيئة المحيطة.
حسناً فهذا المقال يبسط الأمر ويوضح مدى الترابط بين الإيمان والعلم بشكل بسيط وميسر.
***************************
قال الحق سبحانه "قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق" ، هذا يعنى أن التأمل فى خلق الله والتفكر فى كيفية وجود الخلق على الأرض أمر ضرورى ولا بأس به، بل وأن الإنسان يمكنه الوصول إلى الطريقة التى بدء الله بها الخلق على الأرض.
وقد ضرب الله لنا مثل بخلق الإنسان فقال سبحانه "الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ۖ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ" وهذا المثال يوضح المادة العضوية الأساسية لأحد مخلوقات الله وهو الإنسان.
والإنسان مثله مثل سائر المخلوقات لقولة تعال "وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ"
(تنوع الكائنات آيةٌ على عظمة الخالق، وتشابهها برهانٌ على أن خالقها واحد)
وبالتالى التفكر فى كيفية خلق الكائنات الحية ونشأتها على الأرض هو أمر محمود ويمكن للإنسان فهمه والإستفادة منه ونظراً لوجود خالق واحد لكافة المخلوقات فقال تعال "وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَٰهٍ ۚ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ"
وبالتالى التشابه والتماثل بين الكائنات الحية على الأرض يعطى دليل قوى على خالق واحد لهم جميعاً "أى أصل واحد مشترك لهم جميعاً" وقال الحق سبحانه "مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ"
ولأنه خالق واحد للكون وقد خلق كل شىء فى نظام دقيق ومحكم وفى ترابط وتناغم. فيمكن ترتيب الكائنات الحيه وفقاً لأى صفة سواء شكلية أو وراثية فيمكن ترتيبهم حسب الشكل أو اللون أو الحجم أو قدرتها على تحمل الحرارة وغيرها من الصفات.
(نموذج للتشابه مع إختلاف الحجم بين القطط والأسود)
وفى الجهة الأخرى نرى نظرية التطور والتى إفترضها داروين وهى نظرية علمية محايدة أى تقدم تفسير للتشابة والتماثل بين الكائنات الحيه وفقاً لدلائل علمية. وسواء كانت الكائنات الحية خلقت بعضها من بعض فى إطار واحد أو خلقت بشكل مستقل فى إطار تطورى متشابه لا يقلل ذلك من شأن الله فى شىء ولا ينقص قدرة الله على الخلق والإبداع فى شىء.
(تشالز داروين (1809–1882) وضع أسس نظرية التطور من خلال الانتقاء الطبيعي)
بل يقدم لنا التطور دلائل علمية على التماثل والتشابة بين جميع المخلوقات وأنهم ذو أصل واحد وأن كل مجموعة متشابهة ربما لها أصول مشتركة وهذا يدل فى جميع الأحوال على وجود مصدر خلق واحد لهم جميعاً.
وقدم لنا التطور تفسير علمي على مدى تأقلم الكائنات الحية مع بيئتها وكيف يمكن عمل إنتخاب وتحسين فى صفات الكائنات الحية وهى خصائص إستفاد منها الإنسان فى تحسين السلالات وعمل تهجين بين الأصناف المختلفة وتحسين فى إنتاجية حيوانات المزرعة وتنوع المحاصيل وغيرها.
وبالتالى إذا كان الإنسان وهو مجرد مخلوق إستطاع التحسين وإستنباط أصناف وهجن جديدة فما بللك بمن خلق الكون كله فهو الأقدر بلا أى شك على التطوير والتنويع فى مخلوقاته.
ولا مانع أبداً من ربط العلم بالإيمان وخاصة أن العلم يستند على دلائل علمية محايدة وفقاً لمشاهدات وموجودات يمكن ملاحظتها ومتابعتها.
وبالتالى فالتطور فى مجملة ليس خطأ وهو الأقرب لتفسير الحياة على الأرض والتداخل بين الكائنات الحية وقد تم الإستفادة منه فى عدة تطبيقات مختلفة ونشأ على أساسه عدة علوم مختلفة.
وكذلك لا يتعارض مع الدين وأن الله الواحد الأحد هو من خلق كل شىء فى تناسق وتناغم بما فى ذلك الإنسان نفسة وهو أحدث مخلوقات الله على الأرض.
والإنسان لا يختلف كثيراً عن سائر المخلوقات الأخرى لأن ببساطه خالقهم واحد، لكن الإنسان متفوقاً على سائر المخلوقات والتى لها حدود معينة لا تتخطها وبالتالى سلوكيات ودورات حياة محددة.
وفى التشابهة بين الإنسان والشمبانزى "وهو الأقرب لنا عن باقى المخلوقات" يعد أمراً فيه دلالة على أن الإنسان مهما علا قدره فى الأرض فهو مجرد مخلوق مثل غيره وربما جعل الله هذا التشابه بقصد أن لا يعلو الإنسان على غيره من المخلوقات وأن يحافظ على حياتهم وهو فى سبيلة فى التعمير والبناء وأن يحافظ على بيئة هذة المخلوقات من غابات وتنوع نباتى، وكذلك ليتذكر فضل الله عليه واللذى أنعم عليه بالكثير من النعم. فقال الحق سبحانه "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا"
ومع ذلك لا توجد أدلة قوية إلى الأن تدعم حدوث التطور بشكل ذاتى تلقائى "النشؤ والإرتقاء وفقاً للإنتخاب الطبيعى" أو حتى من أصول مشتركة على مستوى الأنواع بينما إنقسام النوع إلى سلالات وفقاً لعوامل بيئية ووراثية فله دلائل علمية ويمكن التحكم فيهم كما سبق الذكر.
وفى جميع الأحوال سواء وجدت الدلائل أو لم توجد فإن حدوث التأقلم والإنتخاب ونجاح التهجين والتحسين والتطوير لا يتم إلا بمشيئة الله ولكن ببساطه الأمور العلمية تستند إلى الدلائل والبراهين وتقدم تفسيرات.
وكمثال لتوضيح الفرق بين النوع والسلالة فنجد مثلاً الفرق بين الحصان والحمار وكلايهما من نفس الجنس التصنيفى Equus ونفس فصيلة الخيليات وللحمار الأفريقى الإسم العلمى Equus africanus ، وبينما للحصان البرى له الإسم العلمى Equus ferus. وبالتالى نلاحظ إختلاف فى النوع فأحداهم africanus والأخر ferus على الرغم من التشابه الكبير بينهم سواء فى الشكل أو السلوك. وللحصان سلالات مختلفة يمكن تهجينها معاً للحصول على خيول ذات صفات محددة. وإذا تم عزل هذة السلالات وفى مناطق مختلفة سوف تتأقلم مع بيئتها تدريجياً جيل تلو الأخر وسوف تكتسب صفات جديدة، ولكن لايمكن أن تتحول الخيول إلى نوع أخر.
(شكل توضيحى للفرق بين الأتواع والسلالات بداخل نفس النوع)
وبالتالى الأصل فى فطرى فى كل شىء على الأرض يعود إلى الله الواحد الاحد ولكن بالنسبة للإنسان يحتاج الأمر إلى تفسير علمى وفقاً لما لدية من دلائل فمثلاً : نزول المطر من الناحية الفطرية هو بأمر الله تعال ومن الناحية العلمية له تفسير يرتبط بالسحب وتكوينها وإختلاف درجات حرارة الهواء وهكذا... وبالتالى التفسير العلمى لا يعنى إلغاء دور الله تعال ولكنه الناحية المحايدة لفهم الحياة........... وبالتالى خلق الكائنات هو الأمر الفطرى أم التطور هو الإطار العلمى لفهم نشأة الحياة وتنوعها على الأرض.
(التفكر فى خلق الله للكائنات الحية ومحاولة تفسير أسباب التشابه والتأقلم مع الظروف البيئة والجغرافية المختلفة من الأمور الطيبه)
وعلينا أن نعرف أن الأمر الفطرى كله يعود لله تعال .... وعلينا أيضاً أن نسعى لنعرف الأسباب لنستفيد منها بما يخدم البشرية ونطور فى الكون اللذى جعلنا الله خلفاء فيه.
وعلى أى حال فهم العلم والحياة لا ينقص من قدرة الله على الإبداع والتطوير فى خلقه
وسبحان الله العظيم
Comments
Post a Comment